سياسة الاستعمار الصهيوني في الاراضي المحتلة - فلسطيني

طرحت عملية البدء في إنشاء الجدار العنصري (الإسرائيلي) الذي يلف الضفة الفلسطينية من كافة الجهات أسئلة عديدة حول أهدافه المختلفة الأمنية المباشرة والإستراتيجية، ومدى علاقته بتوسيع (الاستيطان) والضم للأراضي المحتلة.

بداية وقبل الخوض في الأهداف الصهيونية التوسعية المختلفة سنحاول إلقاء الضوء على النشاط الاستعماري اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. ففي الخامس من حزيران 1967، احتل الجيش الصهيوني باقي الأراضي الفلسطينية (الضفة الفلسطينية ـ الجزء الشرقي من مدينة القدس ـ وقطاع غزة) فضلاً عن شبه جزيرة سيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية. ومنذ الأيام الأولى لاحتلال باقي الأراضي الفلسطينية، شرعت قوات الاحتلال في بناء (المستوطنات)، من أجل إقامة (سياج أمني) والحؤول دون التواصل الجغرافي والديموغرافي بين مدن الضفة.

وكشفت خريطة (الاستيطان والمستوطنات) في فترة حكم العمل (1967 ـ 1977) أنه قد تم إقامة (58) مستعمرة، منها (53) مستعمرة في الضفة الفلسطينية، وقد استوعبت خلال تلك الفترة (82) ألف (مستوطن) يهودي، منهم (75) ألفاً في القدس، و (6500) في باقي مستعمرات الضفة، و (500) (مستوطن) يهودي في قطاع غزة.

ومن الأهمية الإشارة إلى أنه قد تم إنشاء مخافر أمامية يهودية (ناحال) خلال الفترة (1967 ـ 1970)، وكمقدمات لتنشيط (الاستيطان)، وفي عام 1968 تحديداً تم إقامة ثلاثة مخافر (ناحال) في وادي الأردن هي (محولا، وكاليا، وأرغامان)، وفي عام 1969، تم إنشاء أربعة مخافر هي (غليفان، ومرعا، وبليز، ومعاليه أفراييم) وفي عام 1970 أقيم في قطاع غزة مخفر (كفاردروم)، وحتى عام 1977 أقيم في قطاع غزة خمس نقاط (استيطانية) (نتساريم، كفاردروم، قطيف، موراج، أرز).

وعمد تكتل الليكود خلال فترة حكمه الأولى (1977 ـ 1984) إلى إنشاء مدن يهودية كبيرة، وتوسيع المستعمرات لوضع إسفين بين العرب الفلسطينيين، كما عمد إلى تكثيف (الاستيطان) الزراعي على طول نهر الأردن في منطقة الغور، وإلى شق طرق مواصلات كثيفة للاتصال بين المستعمرات، وخطط الليكود لإنشاء (118) مستعمرة منها (105) مستعمرات في الضفة الفلسطينية، بما فيها مستعمرات داخل حدود بلدية القدس، التي كان لـ (الاستيطان) فيها مركزية مشاريع (الاستيطان)، كما خطط لإنشاء المستعمرات الباقية (13) مستعمرة في قطاع غزة.

وعمل الليكود خلال فترة حكمه لرفع مجموع (المستوطنين) من (6500) (مستوطن) عام 1977 إلى (85) ألف مستوطن عام 1984 إذ بلغ عدد المستعمرات القائمة (179) مستعمرة في الضفة وقطاع غزة والشطر الشرقي من القدس حتى التاريخ المذكور.

وفي فترات حكم الائتلاف بين (العمل والليكود) بالتناوب خلال الأعوام الممتدة ما بين (1984 ـ 1990)، بقي الهدف حول "أمن إسرائيل" واحداً، لم يتبدل، وأدى النشاط (الاستيطاني) في الضفة والقطاع إلى ارتفاع مجموع المستعمرات ليصل إلى (168) مستعمرة في الضفة، و (20) مستعمرة في قطاع غزة، واستأثرت المستعمرات القائمة في الضفة بنحو (60) ألف (مستوطن)، وفي الأحياء اليهودية حول القدس بنحو (90) ألف (مستوطن)، في حين تركز نحو (3800) (مستوطن) في المستعمرات القائمة في قطاع غزة.

وقد أظهر النشاط الاستعماري، والتطورات الاستيطانية على أرض الواقع بأن هناك وهماً لجهة تجميد المستعمرات من قبل حكومة الائتلاف في (إسرائيل) فقد جاء في الخطوط الأساسية لبرنامج الحكومة ما يلي:

ـ أولاً: تعزيز (المستوطنات) القائمة.

ـ ثانياً: إقامة خمس إلى ست (مستوطنات) في كل عام.

ـ ثالثاً: تنفيذ قرارات الحكومة السابقة وهو يعني إقامة (المستوطنات) التي لم تقم بعد.. في الأعوام القادمة، في تواريخ تحددها حكومة الائتلاف الموحد بكامل أعضائها.

وغداة عودة (حزب العمل) (الإسرائيلي) إلى سدة الحكم في (إسرائيل) في صيف عام 1992، اتخذت الحكومة الجديدة، قراراً بتجميد البناء في الأراضي الفلسطينية وشمل (6681) وحدة سكنية، لكن القرار تضمن استثنائين مهمين: أجزاء معينة من الضفة يعتبرها (حزب العمل) تقليدياً مناطق أمنية (بما فيها القدس الكبرى) ونحو (10) آلاف وحدة سكنية في مناطق مختلفة، بدعوى أنها في مراحل متقدمة من البناء. وقد تم قرار التجميد على خلفية التمييز في (حزب العمل) بين مستعمرات "أمنية" وأخرى "سياسية" وهو تصور ينسجم إلى حد كبير، مع (مشروع ألون) القائم أساساً على الاحتفاظ بالقدس الكبرى وغور الأردن و "غوش عتسيون".

واتخذ قرار التجميد لأسباب سياسية واقتصادية منها: الإفراج عن عشرة مليارات دولار أمريكية كضمانات لاستيعاب المهاجرين اليهود من دول الاتحاد السوفييتي السابقة، وأيضاً الانخراط في عملية التسوية، وبشكل عام أدى النشاط (الاستيطاني) الصهيوني مع تعاقب (العمل والليكود) حتى أيار من عام 2003 إلى إقامة (190) مستعمرة في الضفة الفلسطينية يتركز فيها (230) ألف (مستوطن)، وفي القدس استطاعت السلطات (الإسرائيلية) بناء أحد عشر حياً (استيطانياً) يستعمرها نحو (200) ألف (مستوطن)، وفي قطاع غزة تم تشييد (20) مستعمرة، يستعمرها (4550) مستعمراً يهودياً، وتجدر الإشارة إلى أن حملة بناء المستعمرات اليهودية نفذت في الفترة التي تلت (اتفاقات أوسلو) بكتمان نسبي وذلك في ظل أجواء سياسية تعتبر موضوع (الاستيطان) خارج جدول العمل الدبلوماسي، إلى حين بداية مفاوضات "المرحلة النهائية" التي تتضمن (الاستيطان، اللاجئين، القدس، المياه، السيادة) وغيرها من القضايا الجوهرية.

ومع مجيء (الليكود) بزعامة نتنياهو إلى سدة الحكم في (إسرائيل) إثر الانتخابات (الإسرائيلية) العامة في 29 أيار 1996، كشف النقاب عن مخططات (استيطانية إسرائيلية) جديدة، تستهدف زيادة عدد المستعمرين اليهود في الأراضي العربية المحتلة إلى (500) ألف مستعمر، أي ثلاثة أضعاف عددهم في العام المذكور حتى العام 2000، كما تستهدف المخططات (الاستيطانية الإسرائيلية) زيادة مجموع المستعمرين اليهود في هضبة الجولان السورية المحتلة إلى (25) ألف مستعمر خلال الفترة نفسها. وقد لوحظ منذ تولي (الليكود) سدة الحكم في أيار 1996، بأن (الاستيط